رمضـان ليس شهراً من الشهور فحسب , بل هديةٌ من الله عز وجل لعباده المسلمين على سواء المذنب منهم والتـائب .

فالمذنب الذي ينوى التوبة حقاً , لديه الفرصة الكامله للخروج من هذا الشهر الفضيل بسجلٍ خالي من الذنوب والخطايا , فقط إن هو أحسن صيامه , وأخلص قيامه , وقبل الله صالح اعماله .

أمّا التائب العابد المستغفر فهو من يضع نفسه في مصافّ المذنبين , وكأنّه لم يصلِ لله ركعة , و يجدّ في البحث عن توبة نصوحاً في هذا الشهر الفضيل . وان قيل له انك من المتقين الأخيــار , فلماذا تضع نفسك مع الأشرار ؟ وكأنك لم تتب الى الله من قبل , ردّ بكل سكينة وثقة وطمأنينة : ليس بعد .




لو أهدي إلى رجل فقيرٍ سيّــارةً ثمينة جدا , فكيف ستكون فرحته ؟

ثم ركبها و قادها بأتجاه بيته ليسعد بها أسرته البائسة , وأثناء سيره يفاجأ بسيارة تصطدم به من الخلف , فتخلف آثاراً جسيمه . فكيف سيكون حزنه ؟

لن أصف مشاعره في الحالتين , فأنتم دون شك أعلم مني بهما.

ولكن لو أن فرحتنا بقدوم رمضان وحزننا على فراقه , كانا بمقدار الربع من مشاعر هذا الفقير تجاه سيارته .

فهل سيتغير الكثير ؟
.




مشاهد من الجمعة الرمضانية الأخيرة :

اليوم كان آخر يوم جمعة في رمضان . والكل سيسأل نفس السؤال ( يا مسرع الأيام عدت ) . وسيترك السؤال الأهم : بماذا تقربت إلى الله في رمضان . وكالعادة اهتمامٌ بعدّاد الزمن وتجاهلٌ لعدّاد الحسنات .



- معظم الذين يحضرون مبكرا هم من كبار السن , يلبسون أفضل ما عندهم ويتطيبون ولا ينقطع التسبيح من ألسنتهم , لان هذا اليوم بالنسبة لهم يوم عيد . وإذا قضيت الصلاة تجدهم يسبحون ويتسننون ويذكرون الله . أمّا أغلب الشباب فعلى العكس تماماً .


- كلما ارى منظر التدافع أثناء الخروج من المسجد , أتذكر قوله تعالى : ( كأنهم حمرٌ مستنفره , فرت من قسورة ). فمتى سأقول القول نفسه أثناء الدخول ؟


- وتعجب عندما ترى البعض من المصلين القادمين مع وقت اقامة الصلاة , لا يحب أن يتقدم للصف الذي أمامه إذا وجدت فيه الفرج . لكي يكون قريباً من باب الخروج . ( اتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير )


- إذا بدأ الإمام بالدّعاء , بالكاد تسمع كلمة آمين .. وإذا وصل إلى دعاء نزول الغيث , يرتفع الصوت قليلاً . ولكن من الشيبان فقط , أتعلمون لماذا ؟

لأن المطر رحمةً محسوسة ملموسة تقي من الظمأ وتنجي من الموت , أمّا الجنّة فجزاء بعد حين ونظرة الى ميسره , ولدينا المتسع من الوقت لنتدبّر أمرها , والله غفور رحيم .



ماذا حدث ؟


هل نسينا ماضينا القريب عندما كانت أصواتنا خلف الأئمة كالمدافع التي تهتز لها جدران الجوامع ؟



أم هل غرنا نزول الراتب وتمام الصحة , فلم نعد في حاجة للجدّ في طلب الرحمة والمغفرة ؟


لا أعلم ..



أمّا أنت يا أخي الشّـاب , فهل ستنتظر إلى أن تهرم ويشتعل رأسك شيبا حتى تحضر الى صلاة الجمعة مبكرا ؟ أم أنك ممن تطعّم بابرة التسويف المخدرة (( الآخرة مستآخره )) .


يا اخي دام انك ورثت علوم المرجله والطلاقه كلها من أبوك , فليش تركت اللي أبدا منها وهو اداء العبادات على أكمل وجه .


تدري فداك و ناولني فنجال القهوة بالشّمال , بس صلّ النوافل والسنن الرواتب





بكــاء ودموع :



بما أنّ شهر الصوم والبركة قد شـارف على الرحّيل , فسأودعه باكياً:


عذراً رمضــان فلقد قرأنا معناك لغة وشرعا , فظننا أنك جوعاً وشبعا


عذراً رمضان فنحن نطيل النوم في نهارك , وقد يفوتنا موعد إفطارك


عذراً رمضان فلا صـــلاة تهجد أو تروايح , فالدين يسرٌ والأمر فسيح


عذراً رمضان فقد أعتمرت قبل أعوام , ولدي القدرة ولكني أكره الزحام


عذراً رمضان فمتابعة المسلسـلات قد ألهتنا عن الذّكـر والتـــلاوات






ختاماً :

أجزم لو أن رمضان خيّر وما صيّر , لأختار الرحيل مع آخر من رحل من المسلمين العظماء الذين بنوا المجد الإسلامي على جثثهم وكتبوا تاريخ الأمة المجيد بدمـائهم .

فسبحان الكريم الحليم الرحيم , إذ تغاضى عن جهلنا وسوء ظننا , وغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا , ثم ّ مد لنا في أعمارنا بمنّة وكرمه , وأعاد علينا شهر رمضان المبارك ليفتح لنا أبواب التوبة من جديد




ويبقى السؤال الإلهي الأكرم والاجمل والأكمل على الإطلاق :


هل من تائب فأتوب عليه ... هل من مستغفر فأغفر له ؟


ويبقى الجواب بأيديكم أنتم :


فأني لا أستطيع الإجابة إلا عن كاتب




































كل عام وانتم بخير






جمانة